فصل: حكم القصر والجمع في مشاعر الحج:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.3- السفر المباح:

كالسفر من أجل التجارة، والسفر من أجل إجمام النفس في حدود المباح، والسفر من أجل العلاج، فهذا جائز.

.أحكام السفر:

أحكام السفر خمسة، وهي:
القصر والجمع في الصلاة، والصوم والفطر في الصيام، والمسح على الخفين في الوضوء.
كل ما يسمى سفراً في العرف تعلقت به أحكام السفر، سواء كان سفر طاعة، أو معصية، أو سفراً مباحاً.
عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فَقَدْ أمِنَ النَّاسُ! فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَألْتُ رَسُولَ عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ». أخرجه مسلم.

.متى تبدأ أحكام السفر:

يبدأ المسافر في أحكام السفر من القصر والجمع والفطر والمسح إذا فارق عامر قريته، ولا حد للمسافة في السفر، وإنما يرجع ذلك إلى العرف، فما عده الناس سفراً تعلقت به أحكام السفر، فمتى سافر الإنسان ولم ينو الإقامة المطلقة أو الاستيطان فهو مسافر تنطبق عليه أحكام السفر حتى يعود إلى بلده.
القصر في السفر هو السنة، ويقصر المسافر في كل ما يسمى سفراً، وإن أتم فصلاته صحيحة، لكنه ترك الأفضل.
عَنْ أنَسِ بن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ بِالمَدِينَةِ أرْبَعاً، وَصَلَّى العَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، قال: وَأحْسِبُهُ بَاتَ بِهَا حَتَّى أصْبَحَ. متفق عليه.
وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى رَجَعَ. متفق عليه.

.وقت الأذان في السفر:

الأذان والإقامة فرض كفاية، إذا قام بهما من يكفي سقط الإثم عن الباقين.
والأذان في الحضر متعلق بأول الوقت، فلا يؤذن حتى يدخل الوقت.
والأذان في السفر متعلق بالصلاة، فلا يجب بدخول الوقت، وإنما عند إرادة الصلاة.

.صفة الأذان والإقامة عند الجمع:

من أراد أن يجمع في الحضر أو السفر بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء، يؤذن ثم يقيم ويصلي الأولى، ثم يقيم ويصلي الثانية، يؤديها المصلون جماعة كلهم، فإن كان هناك برد أو مطر أو ريح صلوا في رحالهم.

.حكم القصر في السفر:

السنة قصر الصلاة في السفر، حال الأمن أو الخوف، وفِعْل كل صلاة في وقتها في السفر هو الأفضل إن لم يكن هناك سبب يوجب الجمع كمواصلة السير ونحوه.
العبرة في القصر اعتبار المكان لا الزمان، فإذا نسي المسافر صلاة حضر ثم ذكرها في سفر قصرها، وإن ذكر صلاة سفر في حضر أتمها.
إذا دخل وقت الصلاة ثم سافر فله أن يقصر ويجمع، وإن دخل وقت الصلاة وهو في السفر ثم دخل بلده فإنه يتم ولا يقصر ولا يجمع.
إذا حُبس المسافر ولم ينو الإقامة، أو أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة مطلقة ولو طالت قصر أبداً.
قال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا [101]} [النساء:101].
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: فُرِضَتِ الصَّلاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلاةِ الحَضَرِ. متفق عليه.

.الصلوات التي تُقصر وتُجمع:

الصلوات التي تقصر في السفر هي: الظهر والعصر والعشاء.
أما المغرب والفجر فلا يدخلهما القصر.
والصلوات التي تجمع في السفر والحضر هي: الظهر والعصر معاً، والمغرب والعشاء معاً، والجمعة مع العصر.
أما الفجر فتصلى سفراً وحضراً وحدها بلا جمع.
عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ صَلَّى الظُّهْرَ بِالمَدِينَةِ أرْبَعاً، وَصَلَّى العَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ. متفق عليه.

.حكم الجمع في السفر:

يسن الجمع في الحضر والسفر إذا وجد سببه؛ لأنه من رخص الله، والله يحب أن تؤتى رخصه، وفيه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
من محاسن الإسلام القصر والجمع في السفر؛ لأنه غالباً توجد فيه المشقة، والإسلام دين رحمة وتيسير.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ. متفق عليه.

.حكم الجماعة في السفر:

يجب على المسافرين أن يصلوا جماعة إن تيسر، فإن لم يتيسر صلوا فرادى حسب الاستطاعة.
فيصلي المسلم في الطائرة، أو السفينة، أو القطار، أو الحافلة قائماً، فإن لم يستطع صلى قاعداً، وأومأ برأسه بالركوع والسجود، ويصلي الفريضة مستقبل القبلة.
عَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ قَالَ: «صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». متفق عليه.

.صفة القصر والجمع في السفر:

المسافر إذا جدّ به السير فالسنة له القصر والجمع، وإذا نزل المسافر في بلد أو مكان فيجمع على حسب الحاجة كما جمع النبي صلى الله عليه وسلم في تبوك، ولا يجمع عند عدمها كما اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على القصر دون الجمع في منى.
السنة للمسافر عند الجمع أن يصلي الأولى، ثم يقيم مباشرة للأخرى، ويجوز الفصل بينهما لعارض من وضوء ونحوه.
يسن للمسافر الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، في وقت إحداهما مرتباً، أو في الوقت الذي بينهما.
فإن كان نازلاً فعل الأرفق به.
وإن جدَّ به السير فالسنة إذا غابت الشمس قبل أن يرتحل أن يجمع بين المغرب والعشاء تقديماً، وإن ارتحل قبل أن تغيب الشمس أخر المغرب إلى العشاء، وجمع بينهما تأخيراً.
وإن زالت الشمس قبل أن يركب فالسنة أن يجمع بين الظهر والعصر تقديماً، وإن ركب قبل أن تزول الشمس أخّر الظهر إلى العصر، وجمع بينهما تأخيراً.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ. أخرجه البخاري.
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ، أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ، صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ. متفق عليه.

.حكم من سفره مستمر طول العام:

من سفره مستمر طول الزمن كقائد الطائرة، أو السفينة، أو القطار، أو الحافلة فهذا يجوز له أن يأخذ برخص السفر من القصر، والجمع، والفطر، والمسح.

.صفة الصلاة في الطائرة:

إذا ركب الإنسان الطائرة أو غيرها، ودخل وقت الصلاة، ولم يجد مكاناً للصلاة جماعة، فإنه يصلي في مكانه قائماً مستقبلاً القبلة، ويومئ بالركوع قائماً حسب قدرته، ثم يجلس على الكرسي، ثم يومئ بالسجود حسب قدرته.
وحبذا لو جعل أهل الطائرة مصلىً محدوداً؛ ليتمكن الناس من الصلاة بيسر، خاصة في الرحلات الدولية الطويلة.

.حكم المسافر إذا وصل مكة:

من سافر إلى مكة أو غيرها، وسمع الأذان، فالأفضل له أن يصلي مع الإمام؛ ليحصل له ثواب فضل صلاة الجماعة في المسجد، وله أن يصلي جماعة في منزله.
فإن لم يدرك الصلاة مع الإمام فالسنة له قصر الرباعية إلى ركعتين.
ومن سافر ومر بقرية وسمع الأذان أو الإقامة ولم يكن صلى، فالأَوْلى له أن ينزل ويصلي مع الجماعة، وله أن يواصل سيره إن شاء.

.حكم القصر والجمع في مشاعر الحج:

يسن لمن كان في الحج بعرفة أن يصلي بها الظهر والعصر قصراً، ويجمع بينهما جمع تقديم؛ ليتفرغ للوقوف والدعاء.
وفي مزدلفة يقصر ويجمع بين المغرب والعشاء جمع تأخير، وفي منى أن يصلي فيها الصلوات الخمس في أوقاتها قصراً بلا جمع.

.صفة صلاة المسافر خلف المقيم:

يجوز للمسافر أن يصلي خلف المقيم، سواء اختلفت النية، أو اختلفت هيئة الصلاة.
وللمسافر مع المقيم أربع حالات:
الأولى: أن يدرك المسافر مع المقيم الصلاة كاملة فيلزمه الإتمام.
الثانية: أن يدرك مع الإمام دون الركعة فيصلي الرباعية قصراً ركعتين.
الثالثة: أن يدرك من صلاة الإمام ركعة من الرباعية فيأتي بأخرى ثم يسلم، وإن أدرك ركعتين سلم معه.
الرابعة: إذا أدرك معه ثلاثاً، أو ابتدأ معه الصلاة أتم.
إذا اختلفت هيئة الصلاة، كأن يصلي المسافر صلاة المغرب خلف مقيم يصلي العشاء، فإنه حينئذ يجلس بعد الثالثة، وينتظر الإمام ليسلم معه، وله أن يسلم قبله.
إذا صلى المسافر صلاة العشاء خلف من يصلي المغرب فإنه يصلي معه ركعتين ويجلس، وينتظر الإمام ليسلم معه، وله أن يسلم قبله.
إذا صلى المسافر خلف مقيم يصلي المغرب أو الفجر، فإنه يتابعه ويصلي مثله.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: فَرَضَ اللهُ الصَّلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الحَضَرِ أرْبَعاً، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الخَوْفِ رَكْعَةً.
أخرجه مسلم.

.صفة صلاة المقيم خلف المسافر:

إذا صلى مقيم خلف مسافر فالسنة أن يقصر المسافر ويتم المقيم صلاته بعد سلام الإمام.
إذا صلى المسافر بالمقيمين في بلدهم يصلي بهم الرباعية ركعتين، ويقول لهم قبل تكبيرة الإحرام: أتموا صلاتكم فإنا قوم سَفْر.
إذا صلى المقيم خلف مسافر يصلي المغرب أو الفجر، فإنه يتابعه في جميع صلاته، ويصلي مثله.
إذا صلى الإمام في السفر ركعتين في الرباعية، ثم قام للثالثة، فعلى المأمومين التسبيح ليقعد.

.حكم صلاة النوافل في السفر:

السنة ترك السنن الرواتب في السفر ما عدا التهجد، والوتر، وسنة الفجر.
أما النوافل المطلقة فهي مشروعة في الحضر والسفر، وكذا ذوات الأسباب كسنة الوضوء، وتحية المسجد، وصلاة الضحى، وركعتي الطواف، ونحو ذلك كصلاة الاستسقاء والكسوف إذا وجد سببها.
عَنْ أُمِّ هَانِئٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَاغْتَسَلَ، وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، فَلَمْ أَرَ صَلاَةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. متفق عليه.

.حكم الصلاة على ظهر الراحلة:

إذا كان المسافر لا يستطيع النزول إلى الأرض لأداء صلاة الفريضة كركاب الطائرات والسفن والقطارات، فلا يخلو الأمر من حالين:
أن يستطيع استقبال القبلة والركوع والسجود، فهذا تلزمه الصلاة بكيفيتها المعتادة.
أن يستطيع استقبال القبلة، لكن لا يستطيع الركوع أو السجود، فهذا يلزمه استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام، ثم يكمل صلاته حسب ما يتوجه به مركوبه، ويومئ برأسه في الركوع والسجود، سواء كان على دابة، أو سيارة، أو طائرة.
يسن للمسافر التنفل على ظهر الراحلة، ويسن أن يستقبل القبلة عند تكبيرة الإحرام إن تيسر، وإلا صلى حيثما توجهت به الراحلة.
عَنْ جَابِرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ رَسُولُ، يصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ، فَإذَا أرَادَ الفَرِيضَةَ، نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ. متفق عليه.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ، يُومِئُ إِيمَاءً، صَلاَةَ اللَّيْلِ إِلاَّ الفَرَائِضَ، وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ. متفق عليه.

.حكم القصر والجمع قبيل الوصول إلى بلده:

يسن للمسافر أن يقصر ويجمع ولو كان قريباً من بلده؛ لأنه لا يزال مسافراً حتى يدخل بلده.

.حكم الجمع في الحضر:

يسن الجمع في الحضر بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء فيما يلي:
في المطر الشديد، والبرد الشديد، والرياح الشديدة، والوحل.
ويسن الجمع كذلك لمريض يلحقه بتركه مشقة، وللمستحاضة، ومن به سلس البول، ولمن خاف على نفسه أو أهله أو ماله ونحو ذلك.
ويشرع الجمع كذلك من أجل مصالح المسلمين العامة، ولو لم يحصل برد ولا مطر ولا خوف ولا سفر.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: صَلَّى رَسُولُ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيعاً بِالمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلا سَفَرٍ. أخرجه مسلم.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، وَالمَغْرِبِ وَالعِشَاءِ، بِالمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلا مَطَرٍ. أخرجه مسلم.

.حكم من له منزلان في بلدين:

من كان له منزلان أحدهما في مكة، والآخر في الرياض مثلاً، ويسكن في هذا حيناً، وفي هذا حيناً، فيتم في كلا المكانين؛ لأنه مستوطن.
وعليه القصر في السفر بينهما، أما الجمع فيسن في الحضر والسفر إذا وجد سببه.

.3- صلاة الخوف:

.حكمة مشروعية صلاة الخوف:

الصلاة صلة بين العبد وربه، وعلاقة العبد بربه لا تنقطع أبداً ما دام حياً عاقلاً، ولأهمية الصلاة ومنفعتها فإنها لا تسقط عن العبد بحال، فإذا كان المسلمون في ساحة الجهاد في سبيل الله، وخافوا من عدوهم أن يأخذهم على غرّة، جاز لهم أن يصلوا صلاة الخوف كما ثبت في السنة.

.حكم صلاة الخوف:

صلاة الخوف مشروعة بصورها المختلفة عند حصول الخوف.
قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [238] فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ [239]} [البقرة:238، 239].
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: فَرَضَ اللهُ الصَّلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الحَضَرِ أرْبَعاً، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الخَوْفِ رَكْعَةً. أخرجه مسلم.

.هيئة الصلاة في الحضر والسفر:

الصلوات الخمس فرض عين على كل مسلم ومسلمة حضراً وسفراً، وتختلف هيئتها ومقادير ركعاتها ومكان أدائها حسب حال الإنسان في الحضر، أو السفر، أو الصحة، أو المرض، أو الأمن، أو الخوف كما يلي:
إذا كان المسلم مقيماً في بلده، فهذا يصلي صلاة كاملة الأركان والعدد.
إذا كان في سفر لا خوف معه قَصَر عدد الركعات فقط.
إذا كان خوف لا سفر معه قَصَر الأركان وحدها دون العدد.
إذا اجتمع الخوف والسفر قَصَر أركان الصلاة وعددها.
قال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا [101]} [النساء:101].

.صفات صلاة الخوف:

صلاة الخوف أنواع، وقد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في أوقات مختلفة، وصفات متباينة، يتحرى في كلها ما هو أحوط للصلاة، وأبلغ في الحراسة، وهي في صورها المختلفة متفقة المعنى.
إذا كان العدو في جهة القبلة فيصلون كما يلي:
يكبر الإمام، ويصف المسلمون خلفه صفين، ويركع ويرفع بهم جميعاً، ثم يسجد مع الإمام الصف الذي يلي الإمام، فإذا قاموا سجد الصف الثاني ثم قاموا.
ثم يتأخر الصف الأول، ويتقدم الصف الثاني، ثم يصلي بهم الركعة الثانية كالأولى، ثم يسلم بهم جميعاً.
عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ صَلَّى بِأصْحَابِهِ فِي الخَوْفِ، فَصَفَّهُمْ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ قَامَ، فَلَمْ يَزَلْ قَائِماً حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ خَلْفَهُمْ رَكْعَةً، ثُمَّ تَقَدَّمُوا وَتَأخَّرَ الَّذِينَ كَانُوا قُدَّامَهُمْ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ قَعَدَ حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ تَخَلَّفُوا رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ. متفق عليه.
إذا كان العدو في غير جهة القبلة فيصلون بإحدى الصفات التالية:
الصفة الأولى: يكبر الإمام، وتصف معه طائفة، وتقف الطائفة الأخرى تجاه العدو، فيصلي بالتي معه ركعة، ثم يثبت قائماً، ويتمون لأنفسهم، ثم ينصرفون ويقفون تجاه العدو.
ثم تأتي الطائفة الأخرى، فيصلي بهم الإمام الركعة الباقية ثم يجلس، ويتمون لأنفسهم وهو جالس، ثم يسلم بهم.
وعليهم حمل سلاح خفيف أثناء صلاتهم، مع الحذر من عدوهم.
قال الله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [102]} [النساء:102].
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: صَلَّى رَسُولُ صَلاةَ الخَوْفِ بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً، وَالطَّائِفَةُ الأخْرَى مُوَاجِهَةُ العَدُوِّ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وَقَامُوا فِي مَقَامِ أصْحَابِهِمْ، مُقْبِلِينَ عَلَى العَدُوِّ، وَجَاءَ أولَئِكَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَضَى هَؤُلاءِ رَكْعَةً، وَهَؤُلاءِ رَكْعَةً. متفق عليه.
الصفة الثانية: أن يصلي الإمام بإحدى الطائفتين أول الصلاة، وبالأخرى آخر الصلاة، فيصلي بالأولى ركعتين ثم يثبت قائماً، ويتمون لأنفسهم ويسلمون وينصرفون، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعتين الأخيرتين، ثم يسلم بهم، فتكون له أربعاً ولكل طائفة ركعتان.
الصفة الثالثة: أن يصلي الإمام بالطائفة الأولى صلاة كاملة ركعتين ثم يسلم بهم، ثم يصلي بالأخرى كذلك ثم يسلم.
وإذا كانت صلاة المغرب فلا يدخلها القصر، وللإمام أن يصلي بالطائفة الأولى ركعتين، وبالطائفة الثانية ركعة أو العكس.
الصفة الرابعة: أن تصلي كل طائفة ركعة واحدة فقط مع الإمام ثم تسلم الأولى وتنصرف، وتأتي الثانية فيصلي بهم الإمام الركعة الباقية ثم يسلم بهم، فيصلي الإمام ركعتين، وتصلي كل طائفة ركعة من غير قضاء.
وكل هذه الصفات ثابتة في السنة، فتُفعل هذه مرة، وهذه مرة؛ إحياءً للسنة.
إذا اشتد الخوف وتواصل الطعن والضرب والرمي، فهنا إذا دخل وقت الصلاة يصلون رجالاً وركباناً ركعة واحدة، يومئون فرادى بالركوع والسجود، للقبلة وغيرها، فإن لم يتمكنوا أخروا الصلاة حتى يقضي الله بينهم وبين عدوهم ثم صلوا جماعة.
قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [238] فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ [239]} [البقرة:238- 239].